قوله : ( لا تبدءوا اليهود والنصارى ) أي ولو كانوا ذميين فضلا عن غيرهما من الكفار ( بالسلام ) لأن الابتداء به إعزاز للمسلم عليه ، ولا يجوز إعزازهم ، وكذا لا يجوز تواددهم وتحاببهم بالسلام ونحوه ، قال تعالى : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية ولأنا مأمورون بإذلالهم كما أشار إليه سبحانه بقوله وهم صاغرون . كذا في المرقاة ( فاضطروه ) أي ألجئوه ( إلى أضيقه ) أي أضيق الطريق بحيث لو كان في الطريق جدار يلتصق بالجدار وإلا فيأمره ليعدل عن وسط الطريق إلى أحد طرفيه . وفي شرح مسلم للنووي قال بعض أصحابنا : يكرهابتداؤهم بالسلام ولا يحرم ، وهذا ضعيف ؛ لأن النهي للتحريم ، فالصواب تحريم ابتدائهم . وحكى القاضي عياض عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم للضرورة والحاجة ، وهو قول علقمة والنخعي ، وقال الأوزاعي : إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد ترك الصالحون ، وأما المبتدع فالمختار أنه لا يبدأ بالسلام إلا لعذر وخوف من مفسدة ، ولو سلم على من لم يعرفه فبان ذميا استحب أن يسترد سلامه بأن يقول استرجعت سلامي تحقيرا له . وقال أصحابنا : لا يترك للذمي صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه ، ولكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ونحوها وإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج انتهى .
No hay comentarios:
Publicar un comentario